مرحلـة التحضيـر


مرحلـة التحضيـر :
وكان موسم الغوص يبدأ عـادة في الوقت الذي تصبح فيه مياه الخليج تميل إلى الدفء ، ويستمر لمدة تزيد على أربعة شهور تقريباً حتى دخول فصل الشتاء . إلا أن التاريخ الحقيقي لبدء موسم الغوص أو انتهائه كـان يختلف من سنة إلى أخرى وخاصة إذا دخل شهر رمضان في بداية موسم الغوص أو الفصل الحار ، ففي هذه الحالة يتأخر ذهاب السـفن إلى عرض البحر حتى انتهاء هذا الشهر الكريم ، وكانت الرحلات في الغالب تمتد ابتداء من نهاية شهر مايو حتى أواخر شهر سبتمبر وفي أثناء هذه الفترة الطويلة تعود بعض السفن إلى الميناء الأم مـرة أخرى أو مرتين ، ولفترة قصيرة لتزود ببعض الحاجيات التي قـد يحتاج إليها الغواصون أثناء رحلاتهم ، كما أن كثيراً من السفن كانت تتردد على سواحل جزيرة دلمـا حيث تتوفر ميـاه الشرب .

وقـد كـان التحضير لرحلات الغوص ذاتها يتطلب ترتيبات تبدأ على الشاطئ حيث يجري إعداد المركب للرحلة ، ودهنها بالصل ( زيت الحوت ) والشحم وغيرهما من الدهانات والزيوت .

ثـم تبدأ مرحلة إعداد أدوات الغوص ، وتزود المراكب بأنواع مختلفة من الحبال والأوعية اللازمة والمجاديف وغيرها .

كمـا يجري تزويد السفينة بالماء والزاد الكافي لغذاء العاملين على المركب أثناء الرحلة ، وأغلب السفن التي كانت تستعمل في الغوص ( سنبوك وصمعا وجالبوت) ويعبر أهل البلاد عن مجموع السفن (بالخشب) ، وبعد تجهيز السفينة يحدد النوخذة ساعة الصفر للانطلاق في عرض البحر.

وينتهي كل هذا ، وتصبح المركب جاهزة للانطلاق لرحلة طويلة سعياً وراء الرزق ، فيعطى النوخذة ما تبقى من أجور الرجال ، وينطلق الجميع لقضاء الأيام الباقية قبل الرحيل مع أسـرهم ويجتمع الجميع في حلقات اللهو والمرح ، ويحاولون الاستمتاع بكل لحظة يقضونها على سطح اليابسـة فمن يدري ماذا تخبأ لهم الأقدار ؟
استعدادات الرحيل :


أمـا الإعداد للرحلة ذاتها فلا يقل عن شهر ويبدأ ساعة أن يعلن النوخذة وهو قبطان السفينة المنظم للرحلة عن قيام رحلة غوص ، ويتقدم الرجال اللذين يرغبون في المشاركة في رحلة الغوص هذه ، ويوقع معهم النوخذة " بروه " العقد بلغة العصر الحديث ، ويعطيهم بعض المال لشراء احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم وبما يكفيها حتى العودة من الغوص .

وتبدأ حركة واسعة ، ونشاط في كل مكان ، الرجال يستعدون للرحيل ، والنساء يعددن لهم العدة ، ويجهزن ما قد يحتاجه الأبناء والأزواج في رحلتهم الطويلة، ما قد يحتاجه الصغار في البيت أثناء غياب الرجال .
الـوداع :


وعندما تحين ساعة الرحيل يرتفع على المركب علم أسود يطلقون عليه النوف، يكون هو إشارة البدء ، فينطلق الرجال إلى المركب ، وتخرج "الديرة" كلها صغيرها وكبيرها لوداعهم والدعاء لهم بسلامة العـودة .

ومن تقاليد الاحتفال بوداع الرحلة أن ينزل النواخذة إلى الشاطئ ، ويوزعون بعض المال على المودعين ، كمظهر للتفاؤل والاستبشار .

ويتكون طاقم المركب في المتوسط من عشرين غواصاً ، وعشرين آخرين يطلق عليهم الجالسون ، وهم عادة يكونون للطوارئ ويقومون بكل الأعمال على المركب . وعشرين رجلاً أيضاً يطلق عليهم "سيب" أي مساعد الغواص له ويطلق عليه "مقدمى" .


ومع أذان الفجر الذي يرفعـه أحد البحارة يستيقظ جميع من على ظهر أي سفينة غوص بما فيهم النواخذة " ربان السفينة " للصلاة ، ويتناولون التمر والقهوة العربية ، وبعد طلوع الشمس يبدأ الجميع في الاستعداد .



منقول...